فصل: تفسير الآيات (55- 56):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (55- 56):

{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)}
قوله عز وجل: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} فيه وجهان:
أحدهما: في الرغبة والرهبة، قاله ابن عباس.
والثاني: التضرع: التذلل والخضوع، والخفية: إخلاص القلب.
ويحتمل أن التضرع بالبدن، والخفية إخلاص القلب.
{إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} يعني في الدعاء، والاعتداء فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن يسأل ما لا يستحقه من منازل الأنبياء، قاله أبو مجلز.
والثاني: أنه يدعو باللعنه والهلاك على من لا يستحق، قاله مقاتل.
والثالث: أن يرفع صوته بالدعاء، روى أبو عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأشرفوا واد، فجعل الناس يكبرون ويهللون ويرفعون أصواتهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنفُسكُم إِنَّكُم لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِباً إِنَّكُم تَدْعُونَ سَمِيعاً قَرِيباً وَهُوَ مَعَكُمْ».
قوله عز وجل: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: لا تفسدوها بالكفر بعد إصلاحها بالإيمان.
والثاني: لا تفسدوها بالظلم بعد إصلاحها بالعدل.
والثالث: لا تفسدوها بالمعصية بعد إصلاحها بالطاعة، قاله الكلبي.
والرابع: لا تفسدوها بقتل المؤمن بعد إصلاحها ببقائه، قاله الحسن.
{وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً} يحتمل وجهين:
أحدهما: خوفاً من عقابه وطمعاً في ثوابه.
والثاني: خوفاً من الرد وطمعاً في الإجابة.
{إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} فإن قيل: فلم أسقط الهاء من قريب والرحمة مؤنثة؟
فعن ذلك جوابان.
أحدهما: أن الرحمة من الله إنعام منه فَذُكِّرَ على المعنى، وهو أن إنعام الله قريب من المحسنين، قاله الأخفش.
والثاني: أن المراد به مكان الرحمة، قاله الفراء، كما قال عروة بن حزام:
عَشِيَّة لاَ عَفْرَاءَ مِنكِ قَرِيبَةٌ ** فَتَدْنُو ولا عَفْرَاءُ مِنْكِ بَعِيدُ

فأراد بالبعد مكانها فأسقط الهاء، وأرادها هي بالقريبة فأثبت الهاء.

.تفسير الآيات (57- 58):

{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)}
قوله عز وجل: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} يعني طيب التربة.
{يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} يعني يخرج نباته حسناً جيداً.
{وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً} فيه قولان:
أحدهما: أن النكد القليل الذي لا ينتفع به، قاله السدي.
والثاني: أنه العسر بشدته المانع من خيره، قال الشاعر:
وَأَعْطِ مَا أَعَطْيتَهُ طَيِّباً ** لاَ خَيْرَ فِي الْمَنْكُودِ وَالنَّاكِد

وهذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر، فجعل المؤمن كالأرض الطيبة والكافر كالأرض الخبيثة السبخة، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والسدي.

.تفسير الآيات (59- 69):

{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (67) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)}
قوله عز وجل: {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} فيها قولان:
أحدهما: القوة، قاله ابن زيد.
والثاني: بسط البدن وطول الجسد، قيل: إنه كان أقصرهم طولاً اثني عشر ذراعاً.
{فَاذْكُرُوا ءَالآءَ اللَّهِ} معناه نعم الله، وقال الشاعر:
أَبْيَضُ لاَ يَرْهَبُ الهزَالَ وَلاَ ** يَقْطَعُ رَحِمَاً وَلاَ يَخُونُ إِلَى

.تفسير الآيات (70- 72):

{قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71) فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)}
قوله تعالى: {قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ} في الرجس ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه العذاب، قاله زيد بن أسلم.
والثاني: السخط، قاله ابن عباس.
والثالث: أن الرجس والرجز بمعنى واحد إلا أن الزاي قلبت سيناً كما قلبت السين تاء في قول الشاعر:
أَلاَ لَحَى اللَّهُ بَنِي السَّعْلاَةِ ** عَمْرِو بنِ يَرْبُوعَ لِئَامَ النَّاتِ

لَيْسَوا بِأَعْفَافٍ وَلاَ أَكْيَاتِ ** يريد الناس، وأكياس.

قوله عز وجل: {فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا} يعني الأصنام، وفي مراده بتسميتهم وجهان:
أحدهما: في تسميتها آلهة يعبدونها.
والثاني: أنه تسميتهم لبعضها أنه يسقيهم المطر، والآخرة أنه يأتيهم بالرزق، والآخر أنه يشفي المريض، والآخر يصحبهم في السفر.
وقيل: إنه ما أمرهم هود إلا بتوحيد الله والكف عن ظلم الناس فأبوا وقالوا: من أشد منا قوة، فأهلكوا.

.تفسير الآيات (73- 78):

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آَمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78)}
قوله عز وجل: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ ءَايَةً} في الآية هنا وجهان:
أحدهما: أن الآية الفرض كما قال تعالى: {وَأَنَزَلْنَا فِيهَا ءَايَاتٍ} [النور: 1] أي فرضاً، ويكون معنى الكلام هذه ناقة الله عليكم فيها فرض أن تذروها {تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ} أي لا تعقروها.
والثاني: أنها العلامة الدالة على قدرته.
والآية فيها آيتان:
إحداهما: أنها خرجت من صخرة ملساء تمخضت بها كما تتمخض المرأة ثم انفلقت عنها على الصفة التي طلبوها.
والثانية: أنه كان لها شرب يوم، ولهم شرب يوم يخصهم لا تقرب فيه ماءهم، حكي ذلك عن أبي الطفيل والسدي وابن إسحاق.
قوله عز وجل: {وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ} فيه وجهان:
أحدهما: يعني أنزلكم في الأرض وهي أرض الحجر بين الشام والمدينة.
والثاني: فيها من منازل تأوون إليها، ومنه قولهم: بوأته منزلاً، إذا أمكنته منه ليأوي إليه، قال الشاعر:
وَبُوِّئَتْ فِي صَمِيمِ مَعْشَرِهَا ** فَتَمَّ فِي قَوْمِهَا مَبْوَؤُهَا

أي مكنت من الكرم في صميم النسب.
{تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً} والقصور ما شيد وعلا من المنازل اتخذوها في سهول الأرض ليصيِّفوا فيها.
{وَتَنْحِتَونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً} لتكون مساكنهم في الشتاء لأنها أحصن وأبقى وأدفأ فكانوا طوال الآمال طوال الأعمار.
{فَاْذْكُرُوا ءَالآءَ اللَّهِ} فيه ما قدمنا، أي نعمه أو عهوده.
{ولا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفسِدِينَ} فيه وجهان:
أحدهما: لا تعملوا فيها بالمعاصي.
والثاني: لا تدعوا إلى عبادة غير الله.
وفي العبث وجهان:
أحدهما: أنه السعي في الباطل.
والثاني: أنه الفعل المؤدي لضير فاعله.
قوله عز وجل: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} فيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها حركة الأرض تضطرب من تحتهم.
والثاني: أنها الصيحة، قاله مجاهد، والسدي.
والثالث: أنها زلزلة أهلكوا بها، قاله ابن عباس.
{فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِم جَاثِمِينَ} قال محمد بن مروان السدي: كل ما في القرآن من {دَارِهِمْ} فالمراد به مدينتهم، وكل ما فيه من {دِيَارِهِم} فالمراد به مساكنهم، وفي الجاثم قولان:
أحدهما: أنه البارك على ركبتيه لأنهم أصبحوا موتى على هذه الحال.
والثاني: معناه أنهم أصبحوا كالرماد الجاثم لأن الصاعقة أحرقتهم.
وقيل: إنه كان بعد العصر.
{فَتَوَلَّى عَنْهُمْ} أي خرج من بين أظهرهم، وقيل إن صالحاً خرج عنهم إلى رملة فلسطين بمن آمن معه من قومه وهم مائة وعشرة، وقيل إنه لم تهلك أمة ونبيها بين أظهرها.

.تفسير الآيات (79- 82):

{فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79) وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)}
قوله عز وجل: {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَّهَّرُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: من إتيان الأدبار.
والثاني: يتطهرون بإتيان النساء في الأطهار، قال الشاعر:
قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا سَدُّوا مَآزِرَهُم ** دَونَ النِّسَاءِ وَلَو بَانَتْ بِأَطْهَارِ

.تفسير الآيات (83- 84):

{فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)}
{فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ} فيه وجهان:
أحدها: فخلصناه.
والثاني: على نجوة من الأرض، وقيل: إن أهله ابنتاه واسمهما زينا ورميا.
{مِنَ الْغَابِرِينَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: من الباقين في الهلكى، والغابر الباقي، ومنه قول الراجز:
فَمَا وَنَى مُحَمَّدٌ مُذْ أَنْ غَفَر ** لَهُ الإِلَهُ مَا مََضَى وَمَا غَبَر

والثاني: من الغابرين في النجاة، من قولهم: قد غبر عنا فلان زماناً إذا غاب، قال الشاعر:
أَفَبَعْدَنَا أو بَعْدَهُمْ ** يُرْجَى لِغَابِرِنَا الْفَلاَحُ

والثالث: من الغابرين في الغم، لأنها لقيت هلاك قومها، قاله أبو عبيدة.